كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 33)

وهو الذي حمله عل هذا القول، فلما وصل القاضي إلى الملك أكرمه، ورفع منزلته، فسأله الشمسي فقال: أخبرني عن معبودك، هل هو قادر؟ قال: نعم. قال: فهل يقدر أن يخلق مثله؟ فقال القاضي: هذه المسألة من الكلام، والكلام بدعة وأصحابنا يكرهونه، فقال الشمسي: ومن أصحابكم؟ قال: محمد بن الحسن وأبو يوسف وأبو حنيفة، فقال الشمسي للملك: قد كنت أعلمتك دينهم، وأخبرتك بجهلهم وتقليدهم وغلبتهم بالسيف، فأمر الملك القاضي بالانصراف، وكتب إلى الخليفة: إني كتبت إليك وأنا على غير يقين فيما حكي لي عنكم والآن فقد تيقنت بحضور هذا القاضي، وذكر له ما جرى.
فلما ورد الكتاب على الرشيد قامت قيامته، وقال: ليس لهذا الدين من يناضل عنه، فقالوا: بلي وهم الذين في الحبس، فقال: أحضروهم. فلما حضروا قال لهم: ما تقولون في هذه المسألة. قال صبي من بينهم: هذا السؤال محال؛ لأن المخلوق لا يكون إلا محدثًا والمحدث لا يكون قبل القديم فاستحال أن يقال: يقدر يخلق مثله، أو لا يقدر، كما استحال أن يقال: تقدر أن تكون جاهلاً أو عاجزًا، فقال الرشيد: وجهوا بهذا صبي إلى السند يناظرهم، وذكر الخبر.
فصل:
إن سأل سائل عن حديث سعد وزيد بن ثابت فقال: فيهما دلالة على أن الله يفعل شيئًا من أجل شيء وبسببه، وهذا يؤدي إلى قول القدرية.
فالجواب: أنه قد ثبت أن الله تعالي علي كل شيء قدير، وأنه بكل شيء عليم، وأنه لا يكون من أفعاله التي انفرد بالقدرة عليها، ولا تدخل تحت قدر العباد ولا تكون من مقدورات العباد التي هي كسب لهم وخلق

الصفحة 42