كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 33)

قال ابن فورك: والمراد: إقباله على أهل الأرض بالرحمة والعطف بالتذكير والتنبيه الذي يلقي في قلوب أهل الخير منهم حتى يزعجهم إلى الجد في التوبة، ووجدنا الله تعالى خص المستغفرين بالأسحار.
والمراد: الإخبار عما يظهر من ألطافه، وتأييده لأهل ولايته في مثل هذا الوقت بالزواجر التي يقيمها في أنفسهم والمواعظ التي ينهاهم عنها بقوة الترغيب والترهيب، قال: ويحتمل أن يكون ذلك فعلًا يظهر بأمره، فيضاف ذلك إلى الوجه الذي يقال: ضرب الأمير اللص، ونادى في البلد.
قال: وروى لنا بعض أهل النقل هذا الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا) (¬1) يؤيد هذا التأويل، وهو ضم (ياء) (¬2) "ينزل"، وذكر أنه ضبطه عمن سمعه منه من الثقات الضابطين، وإذا كان ذلك كذلك كان شاهدًا لما ذكرناه.
وروي عن الأوزاعي أنه قال لما سئل عن هذا الخبر: يفعل الله ما يشاء، وهذا إشارة منه إلى أن ذلك فعل يظهر منه تعالى.
وذكر ابن حبيب كاتب مالك عنه أنه قال: يُنزَّل أمره في كل سحر، فأما هو فهو دائم لا يزول (¬3). (وقيل عن مالك أيضًا: ينزل بعلمه. فإن قلت: كيف يفارق علمه، قيل: أراد سرعة الإجابة) (¬4)، وقيل: أراد التقرب.
¬__________
(¬1) كذا بالأصل، وفي "مشكل ابن فورك": (بما) وهو أصوب.
(¬2) من (ص1).
(¬3) "مشكل الحديث وبيانه" ص219 - 220.
(¬4) من (ص1).

الصفحة 440