كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 33)

يكون الفاعل محدثًا أو قديمًا، فإن كان محدثًا، نقلنا الكلام على [ما] قلنا في المخلوقات، وكذلك في محدثه ويتسلسل القول في ذلك وما أدى إلى التسلسل فهو غير صحيح فلم يكن إلا أن يكون قديمًا، وإذا كان قديما فلا يقال: من خلقه؟ لأن القديم لا يتقدمه شيء ولا يصح عدمه وهو فاعل لا مفعول.
فصل:
وقوله: (كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حرث بالمدينة). أي: زرع، والعسيب، قال ابن فارس: عسبان النخل كالقضبان (¬1)، والنفر، قال ابن عرفة: هو ما بين العشرة إلى الثلاثة (¬2)، وفي "الصحاح"، و"المجمل": النفر من الثلاث إلى العشرة (¬3).
وقد سلف الكلام على الروح، قال ابن عباس: ملك له أحد عشر ألف جناح وألف وجه يسبح الله إلى أن تقوم الساعة، وقال أبو صالح: هو خلق كخلق بني آدم ووليسوا ببني آدم لهم أيد وأرجل، وقيل: هو جبريل، واحتج قائله بقوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193)} [الشعراء: 193] وقيل: عيسي - عليه السلام - وقيل: القرآن؛ لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52].
وقال المفسرون: هو ملك عظيم يقوم وحده، فيكون صفًّا وتقوم الملائكة فيكونون صفًّا، كما قال تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ} [النبأ: 38] الآية، وقيل: هو ملك عظيم رجلاه في الأرض السفلى ورأسه عند
¬__________
(¬1) "المجمل" 3/ 667 مادة (عسب).
(¬2) لم أجده في المطبوع منه.
(¬3) "الصحاح" 2/ 833، "المجمل" 3/ 878، مادة (نفر).

الصفحة 48