أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1]. قال: لم يصل فيه، ولو صلى (فيه) (¬1) لكتبت عليكم الصلاة كما كتبت الصلاة عليكم عند الكعبة (¬2).
وروي القول الثاني -أعني أن الإسراء كان بروحه دون جسده عن عائشة ومعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهم - والحسن البصري (¬3)، وذكر ابن فورك عن الحسن قال: عرج بروح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجسده في الأرض، وهو اختيار ابن إسحاق.
حجة الأولين ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به إلى بيت المقدس، وليست رؤيا منام. رواه ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة، عنه (¬4) قالوا: (ولو) (¬5) أسري بروحه فقط وكان الإسراء منامًا لما أنكرت ذلك قريش من قوله؛ لأنهم (كانوا) (¬6) لا ينكرون الرؤيا، ولا ينكرون أن أحدًا يرى في المنام ما هو على مسيرة سنة، فكيف ما هو على مسيرة شهر أو أقل.
ومن حجة الذين قالوا: إنه بالروح فقط، قول أنس - رضي الله عنه - في حديث الإسراء، قال: (حين أسري به جاءه ثلاثة نفر وهو نائم في المسجد الحرام). وذكر الحديث إلى قوله: (ثم أتوه في ليلة أخرى فيما يرى
¬__________
(¬1) من (ص1).
(¬2) رواه الطبري في "التفسير" 8/ 15 (22030).
(¬3) رواه عنهم الطبري في "التفسير" 8/ 16 (22032 - 22034).
(¬4) سبق برقم (4716) في التفسير، باب {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}.
(¬5) في الأصل: (ولم) والمثبت من (ص1) وهو الصواب.
(¬6) من (ص1).