وقوله: (وذكر العباد بالدعاء والتضرع) أي: في الغفران والتفضل عليهم بالرزق والهداية.
وقوله: (والرسالة والإبلاع) معناه: وذكر الله الأنبياء بالرسالة والإبلاع لما أرسلهم به إلى عباده بما يأمرهم به من عبادته وينهاهم ..
وقوله: ({وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ}) [يونس: 71] بهذا ذكر الله لرسوله نوحًا - عليه السلام - بما بلغ من أمره وتذكيره قومه بآيات الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وكذلك فرض على [كل] (¬1) نبي تبليغ كتابه وشريعته.
ولذلك ذكر قوله تعالى: ({وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ}) [التوبة: 6] الذي أمر بتلاوته عليهم وإنبائهم به.
وقال مجاهد: {النَّبَإِ الْعَظِيم}: القرآن) (¬2)، وسمي نبأ؛ لأنه منبأ به وهو متلو لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا ذكر في الباب هذِه الآية؛ من أجل أمر الله محمدًا - عليه السلام - بإجارة المشرك حتى يسمع الذكر.
وقوله: ({صَوَابًا}:حقًا)، (يريد قوله تعالى: {لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا}) (¬3) يريد: وقال (حقًّا) (¬4) في الدنيا وعمل به فذلك الذي يؤذن له في الكلام بين يدي الله بالشفاعة لمن أذن له.
وكان يصلح أن يذكر في هذا الباب قوله - عليه السلام - عن ربه -عَزَّ وَجَلَّ-: "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه" أي: من ذكرني في نفسه متضرعًا (داعيًا) (¬5) ذكرته في نفسي
¬__________
(¬1) زيادة يقتضيها السياق، من "شرح ابن بطال" 10/ 519.
(¬2) "تفسير مجاهد" 2/ 719.
(¬3) من (ص1).
(¬4) في الأصل: صوابًا، والمثبت من (ص1).
(¬5) في (ص1): راغبا.