كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 33)

مجيبًا مشفقًا، فإن ذكرني في ملأ من الناس بالدعاء والتضرع ذكرته في ملأ من الملائكة الذين هم أفضل من ملأ الناس -كما وقع في كتاب ابن بطال على ما نقله عن الجمهور- بالمغفرة والرحمة والهداية، يفسره قوله - عليه السلام - في حديث التنزل: "هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له، هل من تائب فأتوب عليه" (¬1)، هذا ذِكْرُ الله تعالى العباد بالنعم والإجابة لدعائهم (¬2).
فصل:
اختلف في الأفضل من الذكر قيل: بالقلب أو باللسان، قاله الداودي. والصواب أن الذكر باللسان وقوله: "لا إله إلا الله مخلصًا من قلبه" أعظمُ من ذكره بقلبه، ووقوفه عند السيئة فيذكر بلسانه -عندما يهم العبد بالسيئة- فيذكر مقام ربه فيكف.
فصل:
وقوله: ({وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ} إلى قوله: {مِنَ الْمُسْلِمِينَ}) [يونس: 72] معنى {إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي} أي: كوني فيكم، وقوله: {وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللهِ}. يعني: عظمة إياه من قوله: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ}.
وقوله: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ}، قال الفراء: (أي) (¬3) وادعوا شركاءكم؛ لأنه لا يقال: أجمعت شركائي، وإنما الإجماع للإعداد والعزيمة على الأمر، قال الشاعر:
ورأيت بعلك في الورى ... متقلدًا سيفًا ورمحًا (¬4)
¬__________
(¬1) حديث النزول سبق برقم (7494).
(¬2) "شرح ابن بطال" 10/ 520.
(¬3) من (ص1).
(¬4) "معاني القرآن" للفراء 1/ 473.

الصفحة 491