كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 33)

الشرح:
(من) في قوله: {مَنْ خَلَقَ} في موضع رفع بـ يعلم، (والمفعول) (¬1) محذوف تقديره: ألا يعلم الخالق خلقه؟ فدل ذلك على أن ما يسرُّ الخلق من قولهم (ويجهرون) (¬2) به كل من خلق الله؛ لأنه قال: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} [الملك: 13] إلى قوله: {مَنْ خَلَقَ} وكل من خلق الله، وقال بعض أهل الزيغ: (من) في موضع نصب اسم المسرِّين والمجاهرين؛ ليخرج الكلام من عمومه ويدفع عموم الخلق عن الله، ولو كان كما زعم لقال: ألا يعلم ما خلق؛ لأنه إنما أتت بعد ذكر ما (تكن) (¬3) الصدور، ولو أتت (ما) موضع (من) لكان فيه بيان أنه تعالى خالق كل شيء من أقوال الخلق خيرها وشرها، جهرها وسرها، ويقوي ذلك قوله: {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، ولم يقل: عليم بالمسرين والمجاهرين.
فصل:
قد تقرر حكايته قولين في الكتاب في المراد بقوله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ} [الإسراء: 110] وأن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إنها في القراءة، وأن عائشة - رضي الله عنها - قالت: إنها في الدعاء. وبه قال ابن نافع: أي من دعاء، (ولا) (¬4) تجهر بدعائه ولا تخافت به.
وقال زياد بن عبد الرحمن: نزلت في صلاة النهار، ولا تخافت بها في صلاة الليل. وقد سلف ذلك.
¬__________
(¬1) في الأصل (الفعل)، والمثبت هو الصواب.
(¬2) في (ص1): أو يجهرون.
(¬3) من (ص1).
(¬4) في (ص1): فلا.

الصفحة 512