كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 33)

(فصل:) (¬1)
وقول معمر في {ذَلِكَ الكِتَابُ} [البقرة: 2]: هو القرآن. هو قول عكرمة وأبي عبيدة (¬2)، وفسر (ذلك) بهذا و (ذلك) مما يخبر به عن الغائب، و (هذا) إشارة إلى الحاضر والكتاب حاضر، ومعنى ذلك أنه لما ابتدأ جبريل بتلاوة القرآن لمحمد - عليهما السلام - كفت حضرة التلاوة عن أن يقول هذا الذي تسمع هو {ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيه} [البقرة: 2] فاستغنى بأحد الضميرين عن الآخر.
وأنكر أبو العباس مقالة أبي عبيدة السالفة وقال: لأن (ذلك) لما بَعُد و (ذا) لما قرب فإن دخل واحد منهما على الآخر انقلب المعنى، قال: ولكن المعنى: هذا القرآن ذلك الكتاب الذي كنتم تستفتحون به على الذين كفروا.
وقال الكسائي: كأن الرسالة والقول من السماء و (الكتاب) (¬3) والرسول في الأرض، وقال: ذلك يا محمد.
قال ابن كيسان: وهذا أحسن.
قال الفراء: يكون كقولك للرجل وهو يحدثك: وذلك -والله أعلم- الحق، فهو في اللفظ بمنزلة الغائب وليس بغائب، والمعنى عنده ذلك الذي سمعت به (¬4).
¬__________
(¬1) من (ص1).
(¬2) أثر عكرمة رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 33 وذكره النحاس في "معانيه" 1/ 78، وانظر قول أبي عبيدة في "مجاز القرآن" 1/ 28.
(¬3) من (ص1).
(¬4) انظر: "معاني القرآن" للنحاس 1/ 78 - 79.

الصفحة 521