كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 33)

فصل:
قول ابن أبي مليكة: (كاد الخيران أن يهلكا ..) الحديث، هو مرسل، وإنما ذكر ابن الزبير لفظة منه فلم يتصل من الحديث غيرها فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [الحجرات: 2].
قوله: (قال ابن أبي مليكة: قال ابن الزبير: فكان عمر بعدُ -ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني: أبا بكر- إذا حدث النبي - صلى الله عليه وسلم - بحديث حدثه كأخي السرار لم يسمعه حتى يستفهمه).
فيه: أن الجد للأم يسمى أبًا؛ لأن أبا بكر كان جد ابن الزبير لأمه، وقد قال تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] والجد للأم داخل في ذلك.
وقوله: (كأخي السرار). قال الخطابي: سمعت أبا عمرو يذكر عن أبي العباس: كالسرار، وأخي صلة، قال: وقد يكون بمعنى صاحب السرار (¬1).
وقيل: كالمناجي سِرًّا.
وروي عن أبي بكر مثل فعل عمر - رضي الله عنهما - لم يكن بعد ذلك من كلامه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يستفهمه (¬2).
¬__________
(¬1) "أعلام الحديث" 4/ 2340.
(¬2) روى البزار في "مسنده" 1/ 200 (56) من طريق حصين بن عمر، عن مخارق، عن طارق، عن أبي بكر قال: لما نزلت هذِه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} قلتُ: يا رسول الله والله لا أكلمك إلا كأخي السرار.
وقال البزار: وحصين بن عمر قد حدث بأحاديث لم يتابع عليها، وإنما ذكرنا هذا الحديث على لين حصين؛ لأنه لا يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد متصل إلا من هذا الوجه. اهـ وانظر: "تفسير ابن كثير" 13/ 139.

الصفحة 60