كتاب تاريخ أمراء المدينة المنورة

102
المسألة بينهم إلى مدة (1).
وبعد الحج نفَرَ عبد الواحد النَّفْرَ الأول إلى المدينة، فزاد أهلها في عطاياهم، وأمرهم بالتجهز، فخرجوا وعليهم عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، فلما انتهوا إلى قُديد جاءتهم رسل أبي حمزة، وسألوهم المسالمة، وأن يخلوا بينهم وبين عدوهم، فأبوا، وجرت معركة قاسية أدت إلى مقتلة عظيمة في قريش وأهل المدينة، وفرَّ عبد الواحد إلى الشام .. (2) وقد عَيَّر الشاعر أبو الكوسج عبد الواحد بن سليمان فراره هذا (3):
زار الحجيجَ عَصابةٌ قد خالفوا دينَ الإلهِ فَفَرَّ عبدُ الواحِدِ
تركَ الحلائلَ والإمارة هارباً ومضى يُخَبِّطُ كِالبعير الشَّاردِ
لو كان والده تَخَيَّر أُمَّهُ لَصَفتْ خلائِفُهُ بعرق الوالدِ
كان جواداً ممَدَّحاً مدحه ابن هرمة (4):
إذا قيلَ مَنْ خيرُ من يُعْتَزَى لِمُعْتَرٍ فِهْر ومُحتاجها
ومن يقرع الخيل يوم الوعى بإلجامها ثم إسراجها
أشارتْ نساءُ بني مالك إليه به قبل أزواجها
وقال ابن ميَّاده في مدحه أيضاً (5):
مَنْ أخطأه الربيع فإنه مَطَرُ الحجاز بغيث عبد الواحد
إنَّ المدينةَ أصبحت معمورة بمتوج حلو الشمائل ماجدِ
كالغيثِ من غرض الفرات تهافتت سُبل إليه بصادر أو واردِ
وملكت ما بين العراق ويثرب مُلكاً أجار لمسلم ومعاهدِ.
قُتل عبد الواحد بن سليمان من قبل صالح بن علي العباسي في سنة 132هـ (6).
__________
1 - تاريخ الطبري ج7 ص374، العقد الثمين ج5 ص523 مروج الذهب للمسعودي ط باريس ج 9 ص62 المحبَّر 33 الكامل في التاريخ ج5 ص161. 2 - تاريخ الطبري ج7 ص393، غاية المرام ج1 ص283، تاريخ خليفة ص618. 3 - الأغاني في ج23 ص229، غاية المرام ج1 ص289، تاريخ الطبري ج7 ص376. 4 - ديوان ابن هرمة ص85. 5 - ديوان ابن ميادة ص113، نسب قريش ص166. 6 - نسب قريش ص166، التحفة اللطيفة ج3 ص9 ت2760.
103

الصفحة 102