كتاب تاريخ أمراء المدينة المنورة

12
والثَّرْبُ: أرض حجارتها كحجارة الحرّة، إلا أنها بيض.
تاريخ يثرب:
هي من المواضع التي يرجع تاريخها إلى ما قبل الميلاد، وقد ذكرت في الكتابات المعينية، وكانت من المواضع التي سكنتها جاليات من مَعَين، ثم صارت إلى السبئيين بعد زوال مملكة معين (1). وفصَّلَ صاحب معجم البلدان أمرها: كان أول من زرع بالمدينة (يَثْرِب) واتخذ به النَّخلَ، وعَمَّرَ بها الدور، والآطام، واتخذ بها الضياع العماليق، وهم بنو عملاق بن أرفشخذ بن سام بن نوح، عليه السلام، فعلى هذا الكلام يثرب رجل: وكانت العماليق ممن انبسط في البلاد، فأخذوا ما بين البحرين وعمان والحجاز كله إلى الشام ومصر فجبابرة الشام ومصر منهم (2)، ولكن جواد علي يذكر: أنَّ قوماً أقدم من العمالقة قد سكنوا يثرب يقال لهم صُعل، وفالج، فغزاهم النبي داود عليه السلام، وأخذ منهم أسرى، وهلك أكثرهم، وقبورهم بناحية الجُرف، وسكنها العماليق (3).
فبنو صُعل وفالج أقدم من العماليق، ولعل العماليق من بقاياهم أو من نسلهم. وكان ساكنوا المدينة (يثرب) بنو هَفّ، وسعد بن هفَّان، وبنو مطرويل، من العماليق، وكان ملك الحجاز الأرقم بن أبي الأرقم (4). وقد نزلها اليهود وكان سببُ نزولهم المدينة وأعراضها: أنَّ موسى بن عمران عليه السلام، بعث إلى الكنعانيين حين أظهره الله تعالى على فرعون، فوطئ الشام، وأهلك من كان بها منهم، ثم بعث بعثاً آخر إلى الحجاز إلى العماليق، وأمرهم أن لا يَسْتَبْقُوا أحداً ممن بلغ الحلم إلاًّ من دخل في دينه، فقدموا عليهم، فقاتلوهم فأظهرهم الله عليهم، فقتلوهم، وقتلوا ملكهم الأرقم، وأسروا ابناً له شاباً جميلاً، كأحسن من رأى في زمانه،
__________
(1) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي ج4 ص128. (2) معجم البدلان ج5 ص84. (3) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج4، ص128. (4) نفس المصدر السابق، ج5، ص84.
13

الصفحة 12