كتاب تاريخ أمراء المدينة المنورة

فَضَنُّوا به عن القتل وقالوا: نستحييه حتى نقدم به على موسى فيرى فيه رأيه، فأقبلوا وهو معهم، وقبض الله موسى قبل قدومهم، فلما قربوا وسمع بنو إسرائيل بذلك تلقوهم، وسألوهم عن أخبارهم، فأخبروهم بما فتح الله عليهم. قالوا: فما هذا الفتى الذي معكم؟ فأخبروه بقصته، فقالوا: إنَّ هذه معصية منكم لمخالفتكم أمر نبيكم، والله لا دخلتم علينا بلادنا أبداً، فحالوا بينهم وبين الشام .. فعادوا وسكنوا المدينة والحجاز" (1).
ثُم رُوي أيضاً: غزا الروم الشام فاحتلوها، وقتلوا من بني إسرائيل خلقاً كثيراً، فخرج بنو قُريظة، والنَضير، وهَدْل، هاربين من الشام يريدون الحجاز، لينضموا إلى الإسرائيليين هناك، ويسكنوا معهم، ووجه ملك الروم في طلبهم من يردهم، فأعجزوا رُسُلَه، وفاتوهم" (2) هذه رواية معقولة ومنطقية. وذُكر رواية أُخرى: أن سبب نزولهم هو رفضهم تزويج إحدى اليهوديات من ملك الروم (3)، حيث أن الديانة اليهودية ترفض ذلك!! ولكن من المعلوم أن الديانة اليهودية تتبع للأم ولا للأب وقيل أيضاً: إن السبب أن اليهود كانوا يجدون في التوراة صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه يهاجر إلى بلد فيه نخل بين حَرَّتين…" (4) وليس لدينا تاريخ محدد لتلك الحقيقة التاريخية، سوى تلك الإشارات لدى صاحب معجم البلدان، أو غيره من المؤلفين (5). وبعد أن سكن اليهود في مواضعهم، نزل عليهم بعض قبائل العرب، فكانوا معهم، واتخذوا الأموال والآكام، والمنازل، ومن هؤلاء بنو أَنْيف وهم حي من بليّ، ويقال إنهم بقية من العماليق، وبنو (مُريد) مزيد، مرثد حيٌّ من بليّ، وبنو معاوية بن الحارث بن بُهْثَة
__________
1 - معجم البلدان ج5 ص84.
2 - نفس المصدر السابق والصفحة.
3 - نفس المصدر السابق والصفحة.
4 - نفس المصدر السابق والصفحة.
5 - انظر تفصيلات أكثر، أحسن التقاسيم ص30، ط ليدن 1906، الاعلاق النفسية ص 59، 63، 312، ص78، تاريخ ابن خلدون ج2، ص286، البداية والنهاية لابن كثير ج2 160، المعارف ص83، موسوعة اعتبات المقدسة قسم المدينة ص21 وما بعدها، الروض المعطار ص529، المسالك والممالك للاصطخري ص18، مختصر البلدان للهمدانين ص26، معجم ما استعجم ج2 ص1201، وفاء الوفاء ص156 وما بعدها تفصليات مسهبة حول ذلك، صبح الأعشى ج4، ص305، وفي إحدى الروايات أنهم هربوا من القدس عندما دمرها نوبخذ نصر، عندما سيئ اليهود إلى بابل.

الصفحة 13