18
وبعث معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، وأراد أن يقرئهم القرآن، ويعلمهم الإسلام، ويفقهم في الدين، فكان يسمى المقرئ بالمدينة، وقيل كان يصلي بهم، لأن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمه بعض" (1) وكانت بيعة العقبة الثانية خطوة متقدمة وهامة إلى الأمام في مجال انطلاق الدعوة الإسلامية انطلاقة جديدة، وتطوراً سيكون له آثاره في المستقبل القريب. وبدأت طلائع المهاجرين المسلمين تتجه إلى يثرب، بعد أن كانت توجهت إلى الحبشة، وبدأ المجتمع الجديد يتفاعل في عملية مزج وتمازج وتفاعل من أندر ما جرى في التاريخ، وانتهت هذه الهجرة الجماعية بوصول الرسول صلى الله عليه وسلم، وبدء تكوين المجتمع الإسلامي لحمته وسَداهُ من قريش والأوس والخزرج في مؤاخاة نادرة في الممتلكات، حيث عقب ذلك بناء المسجد النبوي، وتكوين مؤسسات كانت نواة الدولة الإسلامية الجديدة التي تمخض عنها لأول مرة نواة جيش إسلامي كان من نتائجه الانتصار في معركة بدر، حيث عَمَقَّت الدولة الجديدة جذورها في كل أنحاء المدينة وما حولها، ووصل صدى ذلك إلى كل القبائل العربية. ولعل أبرز ما تمخضت عنه الهجرة هو تلك الوثيقة النادرة التي كتبها الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين وأهل المدينة واليهود ونسوقها نظراً لأهميتها: (2)
بسم الله الرحمن الرحيم
"هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم، فلحق بهم، وجاهد معهم إنهم أمة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش على ربعتهم (3) يتعاقلون: بينهم، وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو
__________
1 - سيرة بن هشام ج1 ص428 وهناك تفصيلات حول أسماء الذين أسملوا من الأنصار في العقبة الأولى ثم في العقبة الثانية ص438 وحضور عم الرسول صلى الله عليه وسلم العباسبن عبدالمطلب العقبة الثانية وهو على دين الشرك للاطلاع على الحلف الجديد بين ابن أخيه وأهل يثرب، موسوعة العتبات المقدسة قسم امدينة ص137 وما بعدها. انظر تفصيلات بيعة العقبة الثانية وتفاصيل ذلك في سيرة ابن هشام ج1 ص438 - 467 وتفاصيل عن هجرة المسلمين والرسول صلى الله عليه وسلم في نفس المصدر ج1 ص468 - 580 وما بعدها.
2 - سيرة ابن هشام ج1 ص501 - 504، موسوعة العتبات المقدسة - قسم المدينة ص157.
3 - الربعة: الحال التي جاء الإسلام وهم عليها.