كتاب تاريخ أمراء المدينة المنورة

54
عبد الملك بن مروان وهو يومئذٍ ابن ست عشرة سنة، فركب عبد الملك بالناس البحر، وقد وصف أنه حسن الحديث، وحسن الاستماع، وحسن البِشْر، وخفة المؤونة إذا خولف، وترك من القول ما يُعْتَذرُ منه وترك مخالطة اللئام من الناس، وترك ممازحة من لا يوثق بعقله ولا مُرُوَّتِهِ. وقد ذكر أن عبد الملك بن مروان لم يزل بالمدينة في حياة أبيه وولايته حتى كان أيام الحرَّة، فأخرج أهل المدينة بني أمية وعامل يزيد عليها عثمان بن محمد بن أبي سفيان، فخرج عبد الملك مع أبيه، ولقوا جيش مسلم بن عقبة المري، وقد دلَّ عبد الملك مسلم بن عقبة على عورات أهل المدينة ومن أين يؤتون .. وقد أعجب به مسلم وقال: قلَّ ما كلمت من رجال قريش رجلاً به شبهاً.
وقد ذكر عنه أنه جالس الفقهاء والعلماء وحفظ عنهم، وكان قليل الحديث. ولي الخلافة سنة 73هـ بعد موت أبيه ومات في شوال سنة 86هـ عن ستين سنة بعد أن أوصى بنيه بتقوى الله، ونهاهم عن الفرقة والاختلاف، وهو أول من كتب على الدنانير القرآن، وقال ابن حِبَّان عنه: كان من فقهاء المدينة وقرائهم، قبل أن يلي ما ولي وهو بغير الثقات أشبه. كنيته أبو الوليد، لقب برشح الحجر لبخله، ويكنى أيضاً أبا الذِّبَّان لبِخَرِه، وولي أولاده الأربعة الخلافة من بعده. بقي موضوع ولايته للمدينة، فقد ذكرت الأخبار أنه ولد سنة 26هـ وولي المدينة وعمره 16 سنة فيكون قد وليها سنة 42هـ وهذا يعني أنه ولي إمَّا بعد عزل والده أو ذهاب والده في إحدى السفرات أو عين بشكل رسمي، وقد ذكرت الأخبار أنه أرسل بناء على طلب معاوية كقائد لبعث أهل المدينة إلى بلاد المغرب، وسوف نناقش الأمر بشكل مفصل في جدول أمراء المدينة في ملحق الكتاب، وورد في ترجمة بسر بن أرطأة أنه توفي بإمارة عبد الملك على المدينة.
41 - سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن مناف بن قُصي بن كلاب (1)
__________
1 - انظر ترجمته: الطبقات لابن سعد ج5 ص30 - 35، نسب قريش ص176، التحفة اللطيفة ج1 ص83، ج2 ص148، ترجمة 1520، الاستيعاب ج2 ص523 غاية المرام ج1 ص100، العقد الثمين ج4 ص671، ترجمة

الصفحة 54