ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ، فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ1 أَوِ اغْتِيلَ، قَالَ: فَبِتْنَا بشرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ. قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جاءٍ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ، فَلَمْ نَجِدْكَ، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، قَالَ: أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا نِيرَانَهُمْ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ، فَقَالَ: لَكُمْ كُلَّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يقع في أيديكم، أو فرماً يكون لحماً، وكل بعر عَلَفًا لِدَوَابِّكُمْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَلا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا، فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ" 2.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ3 الْحَافِظُ، نَا عبد الله بن جعفر بن أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ4، نا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: "قُلْتُ لابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ كُنْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ، فَقَالَ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَاهُ بِمَكَّةَ، فَطَلَبْنَاهُ فِي الشِّعَابِ وَفِي الأَوْدِيَةِ فَقُلْنَا: اغْتِيلَ؟ ... اسْتُطِيرَ؟ قَالَ: فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بها قوم.
__________
1 قال ابن الأثير: أي ذهب به بسرعة كأن الطير حملته أو اغتاله أحد، والاستطارة والتطاير: التفرق والذهاب. النهاية 3/ 151-152.
2 هذه الرواية من طريق ابن خزيمة عن ابن المثنى، عن عبد الأعلى، انظرها في صحيح ابن خزيمة 1/ 44-45 ح 88، كتاب الطهارة، باب ذكر العلة التي من أجلها زجر عن الاستنجاء بالعظام والروث.
ومن طريق محمد بن المثنى عن عبد الأعلى ... به أخرجه مسلم 1/ 332 ح 150 من كتاب الصلاة.
وأخرجه أيضاً من هذا الطريق ـ الحافظ البيهقي في الكبرى 1/ 108-109.
3 أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إسحاق الأصبهاني.
4 سليمان بن داود الطيالسي.