كتاب وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في كل عصر

الخمور والخنازير؟ فأجاب الحسن البصري: إنما بذلوا الجزية ليتركوا وما يعتقدون وإنما أنت متبع لا مبتدع والسلام) (¬1).
كما أن الأحكام الجنائية للمسلم والذمي سواء: (يتساوى فيها الإثنان درجةٌ فالذي يعاقب به المسلم على ما يأتي من الجرائم يعاقب به الذمي أيضًا إلَّا الخمر فإن أهل الذمة قد استثنوا من حدها في الإِسلام) (¬2).
ويرى الإمام مالك -رَحِمَهُ اللهُ- أن الذمي مستثنى من حد الزنا كحد الخمر اعتمادًا على قضاء عمر - رضي الله عنه - بأن الذمي يترك أمره إلى أهل ملته أي يعمل بقانون أحواله الشخصية.
"فلهم أن يُصَنِّعوا الخمر ويشربوها ويبيعوها ولهم أيضًا أن يربوا الخنازير ويأكلوها ويبيعوها" (¬3).
قلت: ولكن ذلك فيما بينهم ومن غير إعلام وبقيود وضوابط يحددها الحاكم المسلم.
"وعند الحنفية والمالكية يضمن المسلم قيمة خمر الذمي وخنزيره إذا أتلفه لأنه مال متقوم في اعتقاد أهل الذمة" (¬4).
وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: (إذا أدى أهل الجزية جزيتهم التي ضربت عليهم أو صولحوا عليها خُلِّيَ بينهم وبين أموالهم كلها وبين كرومهم وعصيرها ما ستروا خمورهم ولم يعلنوا بيعها من مسلم ومنعوا من
¬__________
(¬1) حقوق أهل الذمة في الدولة الإِسلامية للمودودي ص 18.
(¬2) كتاب الخراج ص 208، 109، والمبسوط للسرخسي 9/ 57، 58.
(¬3) المبسوط 8/ 137، 138.
(¬4) الدر المختار 3/ 273، 274.

الصفحة 245