كتاب وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في كل عصر

وتعمل بها، وتستنكر الرذيلة وما يحرض عليها وما يغري بها ولابد أن تتجنب المفاسد التي تنخر في عظامها فتنشر الأثرة في كيانها وتثير الشهوات في أركانها وعلى كل مسلم يعيش في كنف مثل هذه الحكومة أن يوجد لديه الإحساس والشعور بالمسؤولية قال عمر بن عبد العزيز في تفسير قوله -تعالى-: {وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ...} الآية. قال -رضي الله عنه-: "ألا إنها ليست على الوالي وحده ولكنها على الوالي والمُوَلَّى عليه. ألا أنبئكم بما لكم على الوالي من ذلكم وبما للوالي عليكم منه، إن لكم على الوالي من ذلكم أن يأخذكم بحقوق الله عليكم، وأن يأخذ لبعضكم من بعض وأن يهديكم للتي هي أحسن وأقوم ما استطاع وأن عليكم من ذلك الطاعة غير المبزوزة ولا المستكره بها ولا المخالف سرها علانيتها" (¬1).
إن بلدًا قد أنعم الله على أهله بالأمن والإستقرار وامتن عليهم فجعلهم درة ناصعة في جبين العالم بما حباهم به من تطبيق لشرعه في عالم سادته الجاهليات بكل أشكالها وجميع صورها؛ لجدير بأن يحرص كل فرد فيه "حاكمًا أو محكومًا" على هذه المكاسب ويحافظ عليها بكل ما أوتي من وسيلة، فإذا ما دب في ربوعه داء أو ظهر بين أهله وباء يهدد أخلاقهم ويقوض بنيانهم، فإن محاربته بكل قوة وحزم وعزم واجتذاذه من جذوره واجب شرعي لا يجوز القعود عنه والتهاون فيه. روى مسلم في صحيحه عن تميم الداري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدين النصيحة"، قلنا لمن؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" (¬2).
¬__________
(¬1) انظر: دروس في العمل الإِسلامي سعيد الحوى 72، 73.
(¬2) صحيح مسلم 1/ 74 كتاب الإيمان باب 23.

الصفحة 318