كتاب وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في كل عصر

تصحيحها أن يبذلوا فيها أنفسهم ويضحوا فيها بأرواحهم ما داموا واثقين فيما يرون أنه الحق" (¬1).
وتلك سمة الدعوات العامة المخلصة التي تقتبس النور من مشكاة النبوة وتسير على نهجها إنها تجس نبض المجتمع جسًا صحيحًا أمينًا وتهتدي إلى الداء الحقيقي ومواضع الضعف في جسم هذا المجتمع وتضع إصبعها عليه وتضرب على الوتر الحساس من غير محاباة أو مداهنة ولا تكترث بألم هذا المجتمع أو ملامه.
كما فعل شعيب - عليه السلام - في دعوته فبعد أن دعا إلى التوحيد وجه الدعوة إلى إيفاء الكيل والوزن بالقسطاس المستقيم وشنع على التطفيف إذ كان ذلك عيب المجتمع الذي بعث فيه وسمته البارزة وكذلك فعل غيره من الأنبياء.
وهذه أيضًا كانت سنة الدعاة إلى الله من المخلصين الربانيين في تاريخ الإِسلام، إذ كانوا ينتقدون المجتمع في الصميم ويصيبون المحز ولذلك كان وقع كلامهم في النفوس عظيمًا وعميقًا وما كان يسع المجتمع أن يتغافل عنهم أو يمر بهم مرًا سريعًا، فهذا مثلًا: الحسن البصري في مواعظه كان يشير في مواعظه إلى النفات الذي كان داء المجتمع الإِسلامي وهو في أوج مجده ورخائه ويذم حب الدنيا وطول الأمل.
وهذا كان شأن ابن الجوزي أيضًا في مواعظه الساخرة ومجالسه المزحومة فإنه كان يشنع على الحياة اللاهية الماجنة التي كان يحياها كثير
¬__________
(¬1) انظر الداعية بين المنهج والوسائل د. صالح الغانم السدلان ص 20، 21 مجلة الدعوة العدد 1190 بتاريخ 29/ 9/ 1409 هـ.

الصفحة 323