كتاب وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في كل عصر

دون جانب تحكم بلا دليل بل تنقضه أصول الشريعة ومصادرها: يقول -تعالى- مقرعًا بني إسرائيل على ذلك أشد التقريع حيث نفذوا بعض شرائع كتبهم وتركوا بعضها فقال -تعالى-: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)} (¬1).
وبناء على هذا يجب أن تُرفض جميع الحلول الجزئية وتُستبعد جميع الإستخدامات الشائعة الآن لكلمة تطبيق الشريعة الإِسلامية من أنها تعني تلك الأحكام الفقهية المتعلقة بالمعاملات والعقوبات فقط منفصلة عن جوانب الحياة الإنسانية الأخرى، فتلك نظرة قاصرة خاطئة ... يقول الشيخ محمد الغزالي -رَحِمَهُ اللهُ-: (إن جهودًا كثيرة تبذل الآن لترضية المسلمين بإسلام آخر غير الذي تلقوه عن نبيهم وعرفوه من كتابهم. إسلام منقوص الحقيقة والأطراف منقوص العرى والوشائج. ينكر عليه المنكرون أن يتدخل في شؤون التشريع أو يبت في قضايا المجتمع أو يقدم الولاء له على الولاء للعنصر أو التراب، أو يضع قواعد التربية مقرونة بشعائره وعبادته، أو يحذف من السلوك العام ما يخدش قيمة ويمس مثله الرفيعة أو يلزم الأفراد بفوائضه اليومية والسنوية) (¬2).
(لا ريب أن قطع يد السارق وجلد الزاني أو رجمه وجلد السِّكِّرين والقصاص من القتلة وعدم التعامل بالربا والأخذ بأحكام الإِسلام في سائر المعاملات لا ريب أنه جزء أصيل من الشريعة الإِسلامية لابد منه ولا غنى عنه يكفر من جحده ويفسق من أهمله ولكنه مع ذلك ليس كل الشريعة
¬__________
(¬1) سورة البقرة: آية 85.
(¬2) دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين، للغزالي ص 19، طبع دار الأنصار بمصر.

الصفحة 326