كتاب وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في كل عصر

فإذا كان حديث: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسئؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ... الحديث" يوجب القيام بالمسؤولية فهذه المسؤولية تقتضي أداء الواجب مع النظر في المصلحة والتصرف في الأمر بالأمانة. وهذا ما سار عليه الخلفاء الراشدون في خطبهم عند توليهم أمر المسلمين وفي سلوكهم ... فهذا -على سبيل المثال لا الحصر -[أبو بكر - رضي الله عنه - في أول خطبة خطبها بعد بيعته بالخلافة يقول: (أيها الناس إني وليت عليكم ولست بخيركم أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم .... أيها الناس إنما أنا
متبع ولست بمبتدع فإن أحسنت فأعينوني وإن زغت فقوِّموني)] (¬1).
(و) وجوب إزالة التناقض بين الإِسلام وتعطيل شرائعه:
فعلى الحكام أن يزيلوا هذا التناقض الصارخ في حياتهم بين إيمانهم بالإسلام عقيدة وشريعة من عند الله وبين تجميدهم لأحكامه وتعطيلهم لحدوده وإغفالهم لتوجيهاته وآدابه واستيرادهم لمذاهمب وأنظمة وقوانين من هنا وهناك بديلًا عنه ثم بعد ذلك يزعمون أنهم مؤمنون ... {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)} (¬2).
أنَسِيَ هؤلاء الحكام أم تناسَوْا أنهم يعيشون في أوطان الإِسلام ويحكمون أناسًا مسلمين ومن حق كل قوم أن يُحكَموا وفقًا لعقيدتهم وأن تأتي أنظمة حياتهم عن معتقداتهم وقيمهم وأخلاقهم وتقاليدهم وأن يوضع كل شيء في الدولة في إطار الشريعة الإِسلامية وفي خدمة أهدافها ومبادئها
¬__________
(¬1) صفة الصفوة لإبن الجوزي 1/ 265، تحقيق محمود فاخوري، محمد رواس قلعجي، طبع الأصيل، حلب 1389 هـ.
(¬2) سورة المائدة: آية 50.

الصفحة 33