كتاب وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في كل عصر

والتهاون فيها، ومن أوجب الواجبات وأول المهمات النصح لشعوبهم وهو ضرورة حتمية تمليها عليهم عقيدتهم ويحتمها عليهم إيمانهم بالله ورسوله وإلَّا فهم خائنون مفرطون.
ألا وإن أعظم نصيحة يقدمونها لمحكوميهم إقامة شرع الله بينهم وتنفيذ أحكامه فيهم وحملهم على التكيف بروح الإِسلام وآدابه وتحقيق مبادئه تحقيقًا عمليًا في حياتهم وغرس حبه واحترامه في نفوسهم والضرب بيد من حديد على يد كل فاسد أو مأجور أو موتور تشتم منه رائحة التجهيز على هذا الدين أو الدفاع عن أي اتجاه يخالف هذا الإتجاه وبهذا يكون قد أدى أمانته وأرضى ربه ونصح لأمته ومكن لها من إقامة شرع الله الذي أنيطت به سعادتها وفلاحها في الدنيا والآخرة) (¬1).
يقول أبو الأعلى المودودي -رَحِمَهُ اللهُ-: (ليست المهمة الحقيقية التي تتولاها الدولة الإِسلامية في الأرض أن تعمل على إقامة الأمن والدفاع عن حقوق البلاد أو رفع مستوى معيشة الأهالي فما هذا هو الغرض الأقصى والغاية العليا من وراء قيام الدولة الإِسلامية، فإن الميزة التي تميزها عن سائر الدول غير المسلمة هي أن تعمل على ترقية الحسنات التي يريد الإِسلام أن تتحلَّى بها الإِنسانية وتستنفد جهودها في استئصال السيئات التي يريد الإِسلام أن يطهر منها الإِنسانية) (¬2).
¬__________
(¬1) بتصرف من الكشاف الفريد عن معاول الهدم ونقائض التوحيد لخالد الحاج، تحقيق: عبد الله الأنصاري 2/ 492، 493، طبع دار إحياء التراث الإِسلامي بقطر.
(¬2) انظر: نظرية الإِسلام وهديه في السياسة والقانون والدستور ص 277، 278.

الصفحة 35