كتاب وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في كل عصر

(ح) ما يفرضه الإِسلام على الحاكم المسلم:
إن الإِسلام يفرض على الحاكم المسلم أن يكون مسلمًا في نفسه عقيدة وعبادة وأخلاقاً، ويفرض عليه في الوقت نفسه أن يجهد ليكون المجتمع الذي يحكم 5 مسلمًا يتمثل الإِسلام عقيدة وأخلاقًا ويلتزمه فكرًا وسلوكاً ويطبقه شريعة ومنهاجاً، والإِسلام إذ يفرض عليه هذا العمل يجعل القيام به تكليفًا شرعيًا لا يجوز القعود عنه أو التهاون والتقصير فيه كما يجعل الإلتزام بأحكام هذه الشريعة الخالدة التزام حتمي لابد منه ولا خيار للحاكم أو المحكوم فيه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} (¬1). {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} (¬2).
(ط) معنى الرد إلى الله ورسوله في الآية الكريمة:
يقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في كتابه الذي وجهه لمالك بن الحارث "الأشتر النخعي" حين ولاه على مصر يقول: بعدما أمره بتقوى الله وإيثار طاعته واتباع ما أمر به في كتابه من فرائضه وسننه التي لا يسعد أحد إلَّا باتباعها ولا يشقى إلَّا مع جحودها وإضاعتها ثم يأمره بعد ذلك أن يرد كل ما يشكل عليه من الخطوب إلى الله ورسوله فيقول: [واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب وما يشتبه عليك من الأمور فقد قال الله -تعالى- لقوم أحب إرشادهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
¬__________
(¬1) سورة الأحزاب: آية 36.
(¬2) سورة النساء: آية 59.

الصفحة 36