كتاب وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في كل عصر

أم ما هو واجب المحكومين إزاء هذا الصنف من الحكام؟
وللِإجابة على هذا السؤال ينبغي أن نفرق بين من يميل عن صراط الشريعة وعدلها بدافع من شهوة أو اتباع لهوى أو جهل أو غفلة أو تعليل بظرف من الظروف أو نحو ذلك.
وبين من يجحدها منهم ولا يعترف بها ولا يقر بأن لها السيادة ومن حقها الحكم بل وينادي بفصل الدين عن الدولة وإبعاده عن الحكم والتشريع (¬1).
فإذا كان الحاكم يعزف عن تطبيق شرع الله جهلاً به أو استضعافاً أو غفلة أو تعليلاً بظرف من الظروف فواجب الأمة -بل وواجب علمائها خاصة- نحو هذا الصِّنف من الحكام أن يناصحوه ويوقظوه من غفلته ويشعروه بعظم مسؤوليته وما تحمله من أعباء الأمة ومساعدته على ذلك بقدر الممكن. قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬2) وأحق من أعين على ذلك ولاة الأمور، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قالوا: قلنا يا رسول الله: أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة لا ما أقاموا فيكم الصلاة إلَّا من وُلَّي عليه والٍ: فرآه يأتي شيئًا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعة" (¬3).
¬__________
(¬1) انظر: حكم من تحاكم إلى غير ما أنزل الله ص 171: 201 من هذا الكتاب وقد أعددنا خلاصة جيدة في هذا الموضوع انظرها هناك.
(¬2) سورة المائدة: آية 2.
(¬3) صحيح مسلم 3/ 1482 من كتاب الإِمارة - باب 17 حديث رقم 1855.

الصفحة 43