كتاب المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد وتخريجات الأصحاب (اسم الجزء: 1)

وأَن من يدعو إلى جمع الناس على رأي واحد، أو مذهب واحد في كل ما جاز فيه الخلاف، فقد رام الشطط، ونفخ في غير ضرم، وتحجر رحمة الله وهي أَوسع.
وهُنا يورد بعض طلبة العلم: قول الله تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) وهذا من الخطأ في فهم كتاب الله تعالى.
وبيانه: أَن أهل الاجتهاد من علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم ليس الخلاف ملازماً لهم في كل أمور دينهم، فهم غير داخلين في قوله تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) وإنَّما هم داخلون فيمن تداركهم الله برحمته في قوله- سبحانه-: (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) فهم مرحومون بإجماعهم على أصول الدين وفروعه المجمع عليها ومشمولون بالرحمة باختلافهم؛ لاختلاف الفهوم في الفروع غير المتفق عليها، توسعة من الله عليهم ورحمة بهم؛ لاختلاف أَحوالهم، وتعدد نوازلهم، فآل اختلافهم فيها كاتفاقهم فيما سواها، الكل رحمة من الله لهم. وللعلاَّمة الشاطبي- رحمه الله تعالى- فضل التنبيه المفصَّل
على ذلك في: " الاعتصام: ٢/١٦٨-١٧٣ " فلينظر والله أعلم.
٢- وبه تعرف عُمق فقه السلف حين نهوا عن: " الأغلوطات " (١)
وهي السؤال عما لم يقع، وعن التعمق في ذلك، وهو ما عرف بعد
---------------
(١) وانظر شرح الحديث التاسع من: " جامع العلوم والحكم لابن رجب.

الصفحة 101