كتاب المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد وتخريجات الأصحاب (اسم الجزء: 1)

قال أَبو طالب أَحمد بن حميد المشكاني كما في ترجمته من: " الطبقات ": " أخبروني عن الكرابيسي أَنه ذكر قول الله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ..) الآية. قال: لو أَكمل لنا ديننا ماكان هذا الاختلاف، فقال- يعني أحمد بن حنبل-: هذا الكفر صراحا ". انتهى
والكرابيسي كان مُسَاءاً، مَرْمِيًّا بالتجهم.
ونهاية بصاحب كتاب: " كشف الأَستار " إِذ قال- قبَّحه الله- بعد سياق آية المائدة المذكورة: " وأوضِّح بأَن النبي لو كان قد بلغ بأَمر الإمامة طبقاً لما أَمر به الله، وبذل المساعي في هذا المجال؛ لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الاختلافات والمشاحنات والمعارك، ولما ظهرت ثمة خلافات في أصول الدِّين وفروعه " انتهى.
وقوله هذا أَكفر من كلام الكرابيسي، وكلاهما يستسق من عين واحدة: مرض الشبهة، وتبني الخلاف الباطل المذموم شرعاً وهكذا مَنْ سَلَّمَ نفسه لداعى الهوى؛ رمته الأَهواء في معاطب لا مخلص له منها، ويبقى فيها فريداً، وإن ضلَّ به أَقوام، ويبقى الحق ماكثاً في الأَرض ينفع الخلق، ويتمحص به الحق من الباطل.
ولهذا فليجعل المسلم كلمات السلف وسيرتهم مرآة له ينظر من خلالها في القدوة والاقتداء بالشرع المطهَّر وليحذر الانضواء تحت أذيال أهل الأَهواء والالتفات إليها، لما فيه من فساد الانتماء إلى الإسلام فاحذروا.

الصفحة 114