كتاب المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد وتخريجات الأصحاب (اسم الجزء: 1)

رجع عن رأي له إلى مقابله؛ لدليل ظهر له، وتعليل بان له على خلاف ما سبق. وهذا يدل على نبل وفضل، ودين وعقل، وأَنه متلمس للحق أَبداً
وليكن في عقدة كل عالم: أَن الِإثم محطوط عن المجتهد في الدنيا والآخرة، وأَنه في الآخرة كذلك لمن يكشف عن هذه المسائل الخلافية الاجتهادية التي يخوض غمارها المجتهدون، ويصرفون لها قواهم، والله- سبحانه- أَكرم من أَن يفضح عبده بين يديه على رؤوس الخلائق وهو باذل جهده ووسعه
وانظر إلى لطف الله تعالى في عبده داود عليه السلام لما فاقه سليمان بمعرفة الحكم، لم يعنفه، ولم يؤثمه؛ لأَنه صدر منه ما صدر عن اجتهاد بلغه علمه.
حاشا من لم يكن من أَهل الاجتهاد، فإِنه لا يجوز له اختراق الحمى، ولا يجوز إِقراره، ويجب على أهل العلم والهدى تخطئته، وهو آثم محاسب على تفريطه
فيا أَيها المنتسب إلى مذهب الإمام أَحمد، أَو الشافعي، أو مالك، أو أَبي حنيفة: احذر أَن تكون مِمَّن أَعماهم تعصب الانتساب واجعل ذلك الإمام، ومن لحقه على مذهبه، أَدلاء لك إلى الدليل، واعقد قلبك على أمور ثلاثة:
١- كتب المذهب دليل لك إلى فهم الدليل
٢- اجعل الدليل لك غاية ومطلباً، وذخراً، ومدخراً، وعلماً، وعملاً
٣- حذارِ من الوقيعة في أئمة العلم والدِّين

الصفحة 71