كتاب المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد وتخريجات الأصحاب (اسم الجزء: 1)

ودَرَجَتْ خُطَاه في سَنَنِ التحقيق: منصبَ إِعمال الفِكْر، وإجالةَ النظر بالتفهم والتفقه والتدبّر في فهم النصوص وتطبيقها على الواقعات المستجدة، وباستخراج الدليل للواقعة من الكتاب والسنة، وإلحاق ما لا نص فيه منها على ما ورد به النص بما اكتسبَ بَعْدُ اسم " الاجتهاد " ومعتمله اسم: " المجتهد ".
وقد تسلَّم الصحابة رضي الله عنهم منصب الأستاذية في هذا، وتتابع عليه أَهلوه من علماء الشريعة على توالي العصور، بالتفقه وبذل الجهد الفِكري.
وبه: استمر دُولاب الحياة مترابط الحلقات بالدِّين، وحبل الله المتين، وصار جسراً ممتداً في الإسلام، معلناً الخلود والنفاذ واستلهام الحوادث والواقعات، والصمود أَما ظروف الحياة ومواجهات العصور وإذا سبرت الحال لميزان عصور القوة والنضوج والترقي من عصور الضعف والتهري، حملك هذا إلى معرفة مدى توفر العقول الحاملة لملكة الاجتهاد الحقيقي في الأُمة، الذي يسعى به مكتمل أَدواته إلى ما يريده الله من عباده.
كل هذا قد عُلِمَ في سُلَّم المسلمات الشرعية في إِطار الطواعية والانقياد لله تعالى، ومنها ما أَوجبه الله من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم على جميع الناس كما في نحو أَربعين موضعاً من التنزيل الكريم، وطاعته صلى الله عليه وسلم طاعة لله تعالى، وهذا عين العبودية لله وحده لا شريك له، وذلك دين الإسلام. والأصل: الأخذ بالنص عند ظهوره، فيسقط معه كل اجتهاد أو قياس أو تقليد، وهذه لا تكون إلَّا عند الاضطرار

الصفحة 78