كتاب المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد وتخريجات الأصحاب (اسم الجزء: 1)

على عقولهم واشتهاره فيهم، فآلت النسبة بين الرأيين المحمود والمذموم بعيدة الملتمس.
وبهذا التقرير تعلم أَنه لم يرد في الشرع المطهر خلاف في أيٍّ منه أَصلاً أو فرعا البتة، وأَن الخلاف الدائر والحوار الحاصل بين علماء الشرع المطهَّر من الصحابة- رضي الله عنهم- فمن بعدهم إِنما جاء من قِبَلِ فُهوم المجتهدين لا من حيث الواقع في نفس الأَمر وأَن خلافهم هذا منحصر في فروعيات تنطوي تحت أي من الأصول المذكورة، خاصة في الفقهيات العملية المكتسبة وبعض المصادر التبعية، ويسميها بعضهم: " الظنيات ".
وهذا هو " النوع الثاني " من الأَحكام التي يدور عليها حكم كثير من الفقهيات في فقه الشريعة، وهي نعمة إِعطاء المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم حق النظر، وحق تقرير المصالح في حدود الأَصل المجمع عليه: " طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم " والخلاف فيها لا يمس وحدة المسلمين الحقيقية.
وبهذا التقرير فقولهم: " الاجتهاد في الشريعة الإسلامية " فيه عموم وإطلاق، يخرج عن حَدِّ المراد، وهو " الاجتهاد في أَحكام أَفعال العبيد الفقهية لا العقدية، ولا في باب الفضائل والأَخلاق، فهذه لا خلاف فيها أصلاً، والخلاف في جزئيات من فروعها يُعدّ من: الخلاف النادر ثم هو خلاف في مرتبة الحكم التكليفي لا في أصل

الصفحة 92