ولعله أقعد؛ لأن دلالة النص وضعية، ودلالة الإيماء والتنبيه لزومية، فإن قيل: كيف يجعل الظاهر قسماً من النص مع أن الأصوليين جعلوه قسيماً له؟ أجيب بأن المراد هنا مطلق الدليل الوارد من الكتاب والسنة، فهو أعم من النص المصطلح عليه وهو أحد اطلاقاته1، كما هو معلوم2.
هذه هي طرق الأصوليين في تقسيم هذا المسلك، وسأسلك طريق من قسمه إلى: قاطع وظاهر، فأقول:
الأول: القاطع وله ألفاظ:
"أ" التصريح بلفظ الحكمة كقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ} 3
ذكر ذلك الزركشي وقال: وهذا أهمله الأصوليون، وهو أعلاها4.
"ب" لعلة كذا.
"ج" لسبب كذا ولموجب كذا ولمؤثر كذا.
قال صاحب النبراس: "ولم يذكر الأصوليون لهذه أمثلة ولعلهم لم يظفروا بذلك في كتاب ولا في سنة"5.
"د" من أجل، أو لأجل وهو دون ما قبله.
ذكره الزركشي، وعزاه لابن السمعاني6، لأن لفظ العلة تعلم به العلة من غير واسطة، بخلاف قوله: لأجله،
__________
1 للنص اطلاقات هي: ما لا يحتمل إلا معنى واحداً، وقد تقدم ذكره، وهو حينئذ قسيم الظاهر، وعلى ما دل دلالة ظاهرة مع احتمال غير الظاهر، وهو حينئذ قسم من الظاهر، وعلى ما دل على معنى كيف ما كان، وهو غالب استعمال الفقهاء، ومنه قولهم: نصوص الشريعة متظافرة على كذا.
انظر: شرح تنقيح الفصول ص36-37، العضد على المختصر 2/168.
2 انظر: نهاية السول 3/41، المحلى مع العطار 2/306، وتعليقات د. عثمان.
3 سورة القمر آية: 4، 5.
4 انظر: البحر المحيط 3/141، -خ-.
5 نبراس العقول 1/230.
6 هو: منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد أبو المظفر المعروف بابن السمعاني، الشافعي السلفي، صاحب اليد الطولى في الفنون، له مؤلفات منها في أصول الفقه، القواطع وكتاب الانتصار، توفي سنة 489هـ.
الفتح المبين 1/266.