كتاب الوصف المناسب لشرع الحكم

الثاني: إن المكسورة المشددة نحو: {رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ} 1.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنها من الطوافين عليكم" 2 لكن يرد على هذا ما نقله الأسنوي عن التبريزي3 في التنقيح، أنه قال: "والحق أن إنّ لتأكيد مضمون الجملة ولا إشعار لها بالتعليل، ولهذا يحسن استعمالها ابتداء من غير سبق حكم"4.
قال صاحب نبراس العقول: "وعبارة التبريزي كما في القرافي "والحق إنها لتحقيق الفعل، وليس لها في التعليل حظ، ولهذا يحسن استعمالها ابتداء من غير سابقة حكم، والتعليل في الحديث مفهوم من قرينة سياق الكلام" ا. هـ.
وقال وقد استبعد القرافي كلام التبريزي، وقال: إن السابق إلى الفهم من قوله تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ} 5، التعليل6.
ونقل الزركشي عن الكمال بن الأنباري7 إنكار كونها للتعليل وإجماع النحاة
__________
1 سورة نوح آية: 25، 26.
2 أخرجه أبو داود في باب سؤر الهرة 1/18، وابن ماجه 1/131، ونيل الأوطار 1/48 ط الأخير، الحلبي.
3 هو: المظفر بن أبي الخير محمد بن إسماعيل أبو سعيد الواراني التبريزي الملقب بأمين الدين، الفقيه الشافعي، الأصولي، النظار، ولد سنة 558هـ، وتفقه حتى صار إماماً مبرزاً، وكان معيداً بالمدرسة النظامية ثم استوطن مصر مدرساً ومفتياً، ثم سافر إلى العراق وشيراز، وكان ينشر العلم ويأخذ عن العلماء، له مؤلفات منها التنقيح، اختصر به المحصول في أصول الفقه، توفي سنة 621هـ.
الأعلام 8/165، 166، والفتح المبين 2/55.
4 انظر: نهاية السول مع منهاج العقول 3/42.
5 سورة الإسراء آية: 53.
6 انظر: نبراس العقول في تعريف القياس عند علماء الأصول 1/235.
7 هو: أبو البركات عبد الرحمن بن أبي الوفاء محمد بن عبيد الله بن أبي سعيد الأنباري الملقب بكمال الدين النحوي، سكن بغداد من صباه إلى أن مات بها، وقرأ على مشايخها حتى برع وصار معيداً للنظامية، وكان يعقد مجالس الوعظ، كان إماماً صدوقاً ثقة، فقيهاً مناظراً غزير العلم تقياً، عفيفاً له مؤلفات قيل: إنها تزيد 130 مصنفاً، ولد سنة 513هـ، وتوفي سنة 577هـ.
انظر: هداية العارفين الأول ص 479-480.س

الصفحة 130