كتاب الوصف المناسب لشرع الحكم

على أنها لا ترد للتعليل وأنها في قوله: "إنها من الطوافين عليكم" للتأكيد، وقال: أن علية طهارة سؤر الهرة هي الطواف، ولو قدرنا مجيء قوله: "هي من الطوافين" بغير "أن" لأفاد التعليل، فلو كانت إن للتعليل لعدمت العلية بعدمها، ولا يمكن أن يكون التقدير لأنها، وإلا لوجب فتحها ولا استفيد التعليل من اللام.
قال: وتابعه جماعة من الحنابلة منهم إسماعيل البغدادي وأبو محمد يوسف بن الجوزي1.
ويعكر ما ذهب إليه ما ذكره السعد وغيره، قال السعد: "وأما كلمة إن بدون الفاء مثل: "إنها من الطوافين عليكم" فالمذكور في أكثر الكتب أنها من الصريح بما ذكره الشيخ عبد القادر أنها في مثل هذه المواقع تقع موقع الفاء وتغني غناءها2.
قال الزركشي: "وممن صرح بمجيئها للتعليل أبو الفتح بن جني3، ونقل القاضي نجم الدين في فصوله4 قولين للعلماء فيه وأن الأكثيرين على إثباته وليس مع النافي إلا عدم العلم، وكفى بابن جني حجة في ذلك"5.
الثالث: الباء كقوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} 6، أي منعناهم منها لظلمهم، وقوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ
__________
1 انظر: البحر المحيط 3/143، مع تصرف.
وابن الجوزي هو: يوسف بن عبد الرحمن بن علي بن الجوزي التميمي البكري البغدادي، الحنبلي، أستاذ دار الخلافة المعتصمية وسفيرها من أهل بغداد وهو ابن العلامة ابن الجوزي أبي الفرج، ولد سنة 580?، وتفقه على أبيه وغيره حتى برع في الفقه والأصول والخلاف، ولى الولايات الجليلة في بغداد ثم عزل وانقطع للوعظ والتدريس والتأليف له مؤلفات منها معاني لابريز في تفسير الكتاب العزيز، والمذهب الأحمد في مذهب أحمد وغيرهما. توفي سنة 656هـ.
انظر: شذرات الذهب 5/286، الأعلام 9/312.
2 انظر: التلويح على التوضيح 2/69.
3 هو: عثمان ابن جني، الموصلي أبو الفتح من أئمة الأدب والنحو وله شعر، ولد بالموصل وتوفي ببغداد سنة 392هـ عن نحو 65 سنة، كان أبوه مملوكاً رومياً لسليمان بن فهد الأزدي، له مؤلفات منها الخصائص في اللغة، مطبوع منه مجلد وحد، والمنهج في اشتقاق أسماء رجال الحماسة، ط، والمقتضب من كلام العرب وغيرها.
انظر: الأعلام للزركلي 4/364، وابن خلكان1/313، وشذرات الذهب3/140.
4 ينظر من هو، لأنني ما عثرت على ترجمته.
5 انظر: البحر المحيط 3/143.
6 سورة النساء آية: 160.

الصفحة 131