كتاب الوصف المناسب لشرع الحكم

وقد اعترض على هذا القول بأن اللفظ إذا دار بين الحقيقة والمجاز قدمت الحقيقة على المجاز، لأن المجاز خلاف الأصل، إذ يحتاج في دلالته إلى قرينة، والحقيقة لا تحتاج، وما لا يحتاج في دلالته أولى مما يحتاج1.
الثاني: أنه مشترك اشتراكاً لفظياً بين كل من:
- التقدير، نحو قست الثوب بالذراع.
- والمساواة، كما في قولك فلان لا يقاس بفلان، أي لا يساويه.
- والمجموع المركب منهما، تحو قست النعل بالنعل، أي قدرته به فساواه، وهو ظاهر كلام العضد2، كما فهمه سعد الدين التفتازاني3 في حاشيته أخذاً من تمثيل العضد بالأمثلة الثلاثة، حيث قال السعد: "تمثيله بالأمثلة الثلاثة مشعر بأن المراد أنه قد يكون بهما جميعاً، وقد يكون للتقدير فقط، أو للمساواة فقط"4، والأصل في الاستعمال الحقيقة، وقد اعترض على هذا القول بأمرين:
الأول: أن الاشتراك5 خلاف الأصل، لأن الأصل عدم تعدد الوضع.
الثاني: أنه يحتاج في دلالته على المراد منه إلى قرينة، لأنه مشترك بين معنيين، وليس أحدهما بأولى من الآخر، وحمل اللفظ على أحد المعنيين أو المعاني بدون
__________
1 انظر: تعليقات الدكتور عثمان مريزيق - رحمه الله - على القياس.
2 هو: عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار بن أحمد الأيحي الملقب بعضد الدين، العلامة الشافعي، الأصولي، المتكلم، الأديب، له مؤلفات في فنون مختلفة منها في أصول الفقه شرحه لمختصر الحاجب، توفي سنة 756هـ. انظر الفتح المبين 2/166.
3 هو: سعد الدين بن مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني، الشافعي الأصولي، المتكلم، المبلاغي، له مؤلفات كثيرة في علوم شتى، منها في أصول الفقه التلويح في كشف حقائق التنقيح، وحاشية على شرح العضد لمختصر ابن الحاجب، ولد سنة 712هـ وتوفي سنة 791هـ. انظر الفتح المبين في طبقات الأصوليين 2/206.
4 انظر حاشية السعد على العضد 2/204.
5 الاشتراك هو اتحاد اللفظ مع تعدد الوضع كما في العين، فإنها للباصرة، والجارية، والذهب، كما تطلق على ذات الشيء، وكالقرء للطهر والحيض، وهذا هو الاشتراك اللفظي. انظر: حاشية الباجوري على السلم ص40، وآداب البحث والمناظرة للشيخ محمد أمين - القسم الأول ص19.

الصفحة 14