كتاب الوصف المناسب لشرع الحكم

ووافقه ابن المنير1 شارحه على تعذر الحد، لكن العلة عنده في ذلك كونه نسبة وإضافة، وهي عدمية، والعدم لا يتركب من الجنس2 والفصل3 الحقيقيين الوجوديين4.
وقال الجمهور: يمكن حده "ولعل مرادهم أنه يحد حداً اسمياً5، فإنه من الأمور الاصطلاحية الاعتبارية التي تكون حقائقها على حسب الاصطلاح والاعتبار، ولا يمكن أن يحد حداً حقيقياً، وبذلك يصح لك الحكم بأن هذا الخلاف لفظي"6.
واختلفوا ثانياً في تعريفه، فعرفه بعضهم بتعريفات غير مرضية، وعرفه البعض الآخر بتعريفات مختارة.
ولما لم يكن من موضوعي استقصاء جميع التعاريف التي عرف بها، فقد رأيت أن أكتفي بإيراد بعض التعاريف التي لم ترض مع بيان وجه الرد، دون التعرض إلى
__________
1 هو: أحمد بن محمد بن منصور بن أبي القاسم بن مختار بن أبي بكر بن علي المكنى بأبي العباس، الملقب بناصر الدين، المعروف بابن المنير، الاسكندري الفقيه، المالكي، الأصولي المتكلم، النظار، المفسر الأديب، الشاعر الخطيب، الكاتب المقرئ المحدث، المولود سنة 620هـ تولى القضاء والتدريس ونظارة الأوقاف والخطابة، قيل عنه إنه كان فخر مصر عامة، والإسكندرية خاصة، له مؤلفات في التفسير وغيره، توفي بالإسكندرية سنة 683هـ.
انظر: الديباج المذهب 1/243 - 246، وشجرة النور الزكية 1/188، والفتح المبين في طبقات الأصوليين 2/84 - 85، ذكر الزركشي في مقدمة البحر المحيط أنه شرح البرهان، والله أعلم.
2 هو ما صدق في جواب ما هو على كثيرين مختلفة حقائقهم كالحيوان، فإنه يصدق في جواب ما هو على كثيرين ... الخ، كما لو قيل: الإنسان والفرس والحمار ما هو صلح أن يقال في جواب ذلك حيوان، أي المذكور حيوان، والمراد بكثيرين ما يشمل اثنين فأكثر. انظر حاشية الباجوري على السلم ص37.
3 هو ما صدق في جواب أي شيء في ذاته كالناطق، فإنه يصدق في جواب ذلك كما يقال: مميزاً للإنسان أي شيء هو في ذاته؟ فيقال: ناطق. حاشية الباجوري على السلم ص37.
4 انظر: البحر المحيط للزركشي 3/2، بعد عنوان القياس - خ -، البرهان 2/207 - خ -.
5 هو التعريف لماهية متخيلة في الذهن، ولا يعلم لها أفراد موجودة في الخارج، سواء كان لها وجود في الواقع أم لا، كتعريف العنقاء بأنه طائر طويل العنق، يصطاد الصبيان وصغار البقر.
انظر: ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة للشيخ عبد الرحمن حبنكة ص393.
6 انظر: نبراس العقول في تعريف القياس عند علماء الأصول 1/13 - 14.

الصفحة 17