أما الشيء فقد يتوقف في تصوره على الخاصة من حيث تصوره، لا من حيث وجوده، فانفكت الجهة، فلا دور1.
الاعتراض الثاني: أن القياس دليل شرعي في ذاته، نصبه الشارع دليلاً على الحكم الشرعي، نظر فيه المجتهد، أو لم ينظر، فتعريفه بالإثبات الذي ينبئ أنه فعل المجتهد غير صحيح.
ولهذا الاعتراض اختار ابن الحاجب في مختصره تعريف القياس بأن "مساواة فرع لأصل في علة حكمه"، ونسبة الزركشي2 في البحر إلى المحققين3.
كما اختاره صاحب مسلم الثبوت4، واعتبر إطلاقه على ما يدل على أنه فعل المجتهد مسامحة، قال شارحه5: "لأن القياس حجة إلهية، موضوعة من قبل الشارع لمعرفة أحكامه، وليس هو فعلاً لأحد، لكن ما كان معرفته بفعل المجتهد ربما يطلق عليه مجازاً6.
__________
1 انظر: نهاية السول 3/5، وأصول أبي النور زهير 4/13، وتعليقات الدكتور عثمان مريزيق على القياس.
2 هو: محمد بن بهادر بن عبد الله التركي، المصري، الزركشي، الملقب ببدر الدين، المكنى بأبي عبد الله، الفقيه الشافعي، الأصولي، المحدث، ولد سنة 745هـ، من شيوخه الأسنوي، والبلقيني، تبحر في العلوم حتى صار يشار إليه بالبنان، له مؤلفات كثيرة، منها في أصول الفقه: البحر المحيط - خ -، وتنشيف المسامع بجمع الجوامع في الأصل أيضاً، والديباج في توضيح المنهاج، وغيرها، توفي ثالث رجب سنة 794هـ.
انظر: الفتح المبين 2/209.
3 انظر: البحر المحيط 3/2 بعد عنوان القياس.
4 هو: محب الله بن عبد الشكور البهاري، الفقيه الحنفي، الأصولي، البحاثة المحقق، اشتغل بالقضاء والتدريس، وتولى الصدارة في ممالك الهند، له مؤلفات منها: مسلم الثبوت في أصول الفقه، توفي سنة 1119هـ.
انظر: الفتح المبين 3/122.
5 هو: عبد العلي محمد بن نظام الدين اللكنوي الأنصاري، المكنى بأبي العباس الملقب ببحر العلوم، الفقيه، الحنفي، الأصولي، من أشهر مؤلفاته فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت، توفي سنة 1180هـ.
انظر: الفتح المبين 3/132.
6 انظر: فواتح الرحموت بذيل المستصفى 2/247.