كتاب الوصف المناسب لشرع الحكم

الفصل الثاني في تعريف العلة وأقوال العلماء في تعليل أفعال الله تعالى
تعريف العلة: العلة هي أحد أركان القياس، بل جعلها بعض الأصوليين الركن الأعظم، وما سواها شرائط1، لأن عليها مدار تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع ولهذا أعطاها كثير من الأصوليين عناية وافرة لما لها من أهمية بالغة.
العلة في اللغة: مأخوذة من العلَلَ، يقال: عل يعل - بكسر العين وضمها علا وعللاً، والعل الشرب بعد الشرب تباعاً، والعلة بالكسر المرض الشاغل والجمع علل، واعتل إذا مرض، أو تمسك بحجة.
قال صاحب المصباح2: "ذكر معناه الفارابي"3، قال: "وأعله جعله ذا علة. ومنه إعلالات الفقهاء، وإعتلالاتهم، وعللته عللاً سقيته السقية الثانية، ويقال: هذا علته أي سببه"4.
ومن هنا ناسب قول الأصوليين أنها اسم لما يتغير حكم الشيء بحصوله،
__________
1 انظر: كشف الأسرار 3/345، نهاية السول مع منهاج العقول 3/39.
2 هو: أحمد بن محمد بن علي الفيومي، الحموي، المكنى بأبي العباس اللغوي، اشتهر بكتاب المصباح المنير المطبوع، ولد ونشأ في مصر، ثم انتقل إلى حماة بسورية، وتولى خطابة جامع الدهشة، في أيام الملك المؤيد إسماعيل، وتوفي سنة 770هـ.
انظر: الأعلام للزركلي 1/216، الطبعة الثانية.
3 هو: محمد بن محمد بن طرخان أوزلغ، أبو نصر الفارابي، ويعرف بالمعلم الثاني لشرحه لمؤلفات أرسطو، أكبر فلاسفة المسلمين، تركي الأصل، مستعرب، ولد في فاراب على نهر جيحون سنة 260هـ، وانتقل إلى بغداد فنشأ بها، وألف بها أكثر كتبه، كان يحسن أكثر اللغات الشرقية المعروفة في عصره، مؤلفاته كثيرة منها: النصوص، طبع، وإحصاء العلوم والتعريف بأغراضها، وآراء أهل المدينة الفاضلة، وغيرها، توفي سنة 339هـ.
انظر: الأعلام للزركلي 7/242 - 243.
4 انظر: لسان العرب 13/495، القاموس 4/21، المصباح المنير 2/77.

الصفحة 41