كتاب الوصف المناسب لشرع الحكم

المبحث الرابع: في تعليل الحكم الوجودي بالوصف العدمي
اتفق الأصوليون على جواز تعليل الحكم الثبوتي بالوصف الثبوتي، كالتحريم بالإسكار، والعدمي بالعدمي كتعليل عدم نفاذ التصرف بعدم العقل، والعدمي بالوجودي، كتعليل عدم نفاذ التصرف بالإسراف1.
واختلفوا في تعليل الحكم الوجودي بالوصف العدمي على مذهبين:
الأول: أنه لا يجوز، وعزاه صاحب تيسير التحرير2 لصاحب البديع3، وهو اختيار الآمدي، وابن الحاجب4.
المذهب الثاني: يجوز تعليل الحكم الوجودي بالوصف العدمي، وهو قول الأكثر، وممن قال به الفخر الرازي، والبيضاوي5.
واستدل أهل المذهب الأول بما يأتي:
الأول: أن الإعدام لا تتميز عن غيرها، وما لا يتميز عن غيره لا يصح أن يكون علة، لأن العلة لا بد وأن تكون متميزة عما ليس بعلة، وإلا لم تكن علة6.
__________
1 انظر: المحلى على جمع الجوامع مع حاشية العطاؤ 2/281، والعضد على المختصر مع حاشية السعد 2/214، وتقريرات الشربيني بهامش حاشية العطار 2/280.
2 هو: محمد الأمين الشهير بأمير بادشاه الحسيني نسباً، الحنفي مذهباً، الخراساني مولداً، البخاري منشأ، المكي موطناً، له كتاب تيسير التحرير شرح به الكمال بن الهمام في أصول الحنفية. انظر: خطبة كتاب تيسير التحرير 1/ 2.
3 هو: أحمد بن علي بن تغلب، مظفر الدين المعروف بابن الساعاتي الحنفي الإمام الحافظ المتقن، الأصولي الفقيه، له مؤلفات في الفقه وأوله، منها في الفقه مجمع البحرين، وفي الأصول كتاب البديع جمع فيه بين طريقتي الآمدي في الأحكام والبزدوي، توفي سنة 694هـ.
انظر: الفتح المبين في طبقات الأصوليين 2/94 - 95.
4 انظر: الأحكام للآمدي 3/189،المختصر مع شرحه 2/214، تيسير التحرير 4/2، نهاية السول مع سلم الوصول 4/269 - 270.
5 انظر: المحصول 2 من القسم الثاني ص 400 - ط -، ونهاية السول مع منهاج العقول 3/107.
6 انظر: نهاية السول مع سلم الوصول 4/269 - 270.

الصفحة 83