كتاب الوصف المناسب لشرع الحكم

الإسلام مصلحة، فيلزم من اعتبار عدمه تفويتها، أو فيه مفسدة فغايته أن إسلامه مانع، فما المقتضى لقتله؟
وإن كان القتل مع الإسلام بنافي مناسباً للقتل وهو الكفر مثلاً، فإن كان الكفر ظاهراً فيقال يقتل لأنه كافر، وإن كان مع الإسلام ينافي مناسباً للقتل خفياً، وهو الكفر، فالإسلام كذلك أخفى، لأنه نقيضه، والنقيضان، مثلان، إذ لا فرق ضرورة بين معرفة الكفر، ومعرفة عدم الإسلام في الخفاء، وإن كان القتل لا ينافي مناسباً، فليس الكفر هو المناسب، ولذلك قال الإمام مالك1 رحمه الله يقتل وإن رجع إلى الإسلام2.
فالمناسب شيء آخر يجتمع مع الإسلام، فالإسلام وعدمه سواء في تحصيل المصلحة، فلا يكون عدمه مظنة3.
وأجاب عنه السعد بما نصه: "إن ما ذكر مغلطة حلها أنا نختار أن ذلك الأمر الذي يضاف إليه العدم كالإسلام في المثال السابق ينافي مناسباً، ولا يلزم ما ذكر من جعل عدم نقيض المناسب مظنة المناسب، لجواز أن يكون عدم نقيض المناسب، وهو عدم الإسلام نفس المناسب، بأن يتعلق به إيجاب القتل، ويحصل ذلك المقصود الذي هو التزام الإسلام.
__________
1 هو: الإمام مالك بن أنس الأصبحي، المكنى بأبي عبد الله، ينتهي نسبه - رحمه الله - إلى قحطان، وهو إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة الأعلام، وإليه ينسب المذهب المالكي، أخذ عن تسعمائة شيخ فأكثر، ولم يفت حتى شهد له سبعون إماماً أنه أهل لذلك، وجلس للتدريس وهو ابن سبعة عشر عاماً، ولد سنة 93هـ من مؤلفاته كتابه الموطأ، وقد روى عنه، وتوفي رحمه الله سنة 177هـ، وقيل سنة 179هـ، ودفن بالبقيع بالمدينة المنورة.
انظر: مآثره في مقدمة الزرقاني على الموطأ 1/ 4 فما بعدها، والديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب 1/88 فما بعدها، ومالك بن أنس لأبي زهرة.
2 مراده الزنديق وهو من كان يسر الكفر ويظهر الإسلام، فإن هذا إذا ظهر عليه يقتل ولا يستتاب، لأنه لا تعرف توبته، بخلاف من لم يكن يبطن الكفر ممن كان مسلماً وارتد، فإنه يستتاب فإن تاب قبل منه، وإلا قتل.
انظر: الموطأ مع تنوير الحوالك 2/116 - 117، والزرقاني على الموطأ 4/404، تحقيق إبراهيم عطوة، ط الحلبي.
3 انظر: العضد على المختصر 2/215 - 216، والتقرير والتحبير شرح التحرير 3/168.

الصفحة 86