ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل بين الجنة والنار، وهو آخر أهل النار دخولا الجنة، مقبل بوجهه قبل النار، فيقول: يا رب، اصرف وجهي عن النار، قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها، فيقول: هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا وعزتك، فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق، فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل به على الجنة رأى بهجتها، سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم قال: يا رب، قدمني عند باب الجنة، فيقول الله له: أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت؟ فيقول: يا رب، لا أكون أشقى خلقك، فيقول: فما عسيت إن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره، فيقول: لا وعزتك لا أسأل غير ذلك،
⦗٥٩٦⦘
فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق، فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت، فيقول: يا رب، أدخلني الجنة، فيقول الله: ويحك يا ابن آدم ما أغدرك، أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي أعطيت، فيقول: يا رب، لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك الله، عز وجل، منه، ثم ياذن له في دخول الجنة، فيقول: تمن، فيتمنى حتى إذا انقطع أمنيته، قال الله، عز وجل: من كذا وكذا، أقبل يذكره ربه، حتى إذا انتهت به الأماني، قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه».
قال أَبو سعيد الخُدْري لأبي هريرة، رضي الله عنهما: إن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم قال: قال الله: لك ذلك وعشرة أمثاله، قال أَبو هريرة: لم أحفظ من رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم إلا قوله لك ذلك ومثله معه، قال أَبو سعيد: إني سمعته يقول ذلك لك وعشرة أمثاله (¬١).
---------------
(¬١) اللفظ للبخاري (٨٠٦).