كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 34)

١٦٥٣٤ - عن أَبي زُرعَة بن عَمرو بن جرير، عن أبي هريرة، قال:
«أتي رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم بلحم، فدفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة، ثم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون لم ذلك؟ يجمع الله، عز وجل، الأولين والآخرين في صعيد واحد، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه؟ ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم، عز وجل؟ فيقول بعض الناس لبعض: أَبوكم آدم، فياتون آدم صَلى الله عَليه وسَلم فيقولون: يا آدم، أنت أَبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم، عليه السلام: إن ربي، عز وجل، قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فياتون نوحا صَلى الله عَليه وسَلم فيقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وسماك الله عبدًا شكورا، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول نوح: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فياتون إبراهيم، فيقولون: يا إبراهيم، أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم إبراهيم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، فذكر كذباته، نفسي نفسي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، عليه السلام،
فياتون موسى، فيقولون: يا موسى، أنت رسول الله، اصطفاك الله برسالاته وبتكليمه على الناس،

⦗٦٠١⦘
اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم موسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قتلت نفسا لم أؤمر بقتلها، نفسي نفسي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى، فياتون عيسى، فيقولون: يا عيسى، أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، قال: هكذا هو، وكلمت الناس في المهد، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر له ذنبا، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صَلى الله عَليه وسَلم فياتوني، فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأقوم، فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي، عز وجل، ثم يفتح الله علي، ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي، فيقال: يا محمد، ارفع راسك، سل تعطه، اشفع تشفع، فأقول: يا رب، أمتي أمتي، يا رب، أمتي أمتي، يا رب، أمتي أمتي، يا رب، فيقال: يا محمد، أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أَبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سواه من الأَبواب، ثم قال: والذي نفس محمد بيده، لما بين مصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى» (¬١).
- وفي رواية: «كان رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم يحب الذراع» (¬٢).
---------------
(¬١) اللفظ لأحمد (٩٦٢١).
(¬٢) اللفظ لأحمد (٨٣٥٩).

الصفحة 600