كتاب حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة (اسم الجزء: 1)

وأما النصوص التي يستدل بها على هذا القول فمنها:
قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} 1. فهذه الآيات نزلت عتابا من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم2 فقد ذكر غير واحد من المفسرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوما يخاطب بعض عظماء قريش وقد طمع في إسلامه فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أم مكتوم3 وكان ممن أسلم قديما فجعل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم من شيء ويلح عليه وود النبي صلى الله عليه وسلم أن لو كف ساعته ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل طمعا ورغبة في هدايته، وعبس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه وأقبل على الآخر فأنزل الله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} 4.
وكذلك قوله تعالى {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} 5.
وقوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} 6.
__________
1 الآيات (1، 2، 3) من سورة عبس.
2 تفسيرالقرطبي (19/ 212) .
3 ابن أم مكتوم اختلف في اسمه فقيل: عمرو وقيل: عبد الله، وعمرو أكثر، وهو ابن قيس بن زائدة القرشي، أسلم قديما بمكة وكان من المهاجرين الأولين، قيل: استشهد بالقادسية وقيل مات بالمدينة. الإصابة (2/ 516- 517) .
4 تفسير ابن كثير (4/ 470) .
5 الآيتان (67، 68) من سورة الأنفال.
6 الآية (43) من سورة التوبة.

الصفحة 156