كتاب حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة (اسم الجزء: 2)

وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير ... " الحديث1.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على المنبر فقال: "إنما أخشى عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من بركات الأرض" ثم ذكر زهرة الدنيا فبدأ إحداهما وثنى بالأخرى، فقام رجل فقال: يا رسول الله أو يأتي الخير بالشر؟ فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم، قلنا يوحى إليه، وسكت الناس كأن على رؤوسهم الطير " الحديث2.
فالشاهد من الآثار الثلاثة المتقدمة قولهم "كأن على رؤوسهم الطير" فهذه العبارة هي كناية عن التعظيم الذي كانوا يظهرونه في مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم توقيرا وإجلالا له صلوات الله وسلامه عليه، فلم يكن من عادة الصحابة رضوان الله عليهم أن يتجادلوا في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم أو يعلوا أصواتهم بنقاش أو حوار بل يعطون لهذا المجلس حقه من التشريف والاحترام وعن بريدة بن الحصيب3 رضي الله عنه قال: "كنا إذا قعدنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نرفع رؤوسنا إليه إعظاما له"4
__________
1 أخرجه بهذا اللفظ الإمام أحمد في مسنده (4/ 287) . وأخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الجلوس في المقابر (1/ 494) ح 1549
2 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد، باب فضل النفقة في سبيل الله. انظر فتح الباري (6/ 48، 49) ح 2842
3 بريدة بن الحصيب بن عبد الله الأسلمي، قيل إنه أسلم حين مر به النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا، وقيل: أسلم بعد منصرف النبي صلى الله عليه وسلم من بدر، وفي الصحيحين عنه أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة، وأخباره كثيرة ومناقبه مشهورة، مات سنة ثلاث وستين. الإصابة (1/ 150)
4 أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى، باب توقير العالم والعلم (ص 381) ح 658

الصفحة 450