كتاب حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة (اسم الجزء: 2)

-بعد قيام الحجة عليه- ولا بعذر من الأعذار، ولا طريق إلى كرامة الله ورحمته والنجاة من هوانه وعذابه إلا التوسل بالإيمان به وبطاعته1.
فإذا توسلنا إلى الله بإيماننا بنبينا ومحبته ومولاته واتباع سنته فهو من أعظم الوسائل.
فالأعمال الصالحة سبب لثواب الله لنا، فإذا توسلنا إلى الله بالأعمال الصالحة كنا متوسلين إليه بوسيلة كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} فالوسيلة هي الأعمال الصالحة.
أما سؤال الله بمجرد ذات النبي فغير مشروع، لأننا إذا توسلنا إلى الله بنفس ذاته لم يكن في نفس ذاته سبب يقتضى إجابة دعائنا ولهذا لم يكن هذا منقولا عن النبي صلى الله عليه وسلم نقلا صحيحًا ولا متواترًا ولا مشهورًا عن السلف. فنحن إنما ننتفع باتباعنا له ومحبتنا له، وهو له عند الله من الدرجة والمنزلة أمر يعود نفعه إليه، فالتوسل به من غير متابعة له في الأعمال لا يجوز أن يكون وسيلة2.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولا يتوسل إلى الله بمجرد ذات أحد من خلقه من غير دعاء من المتوسل به ولا طاعة من المتوسل".
والداعي إنما ينتفع من وجهين:
إما بدعاء الرسول له. أو بإيمان الداعي به وطاعته وجه حبته.
فأن إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدع له، وهو لم يؤمن به، لم ينتفع بالرسول صلى الله عليه وسلم. فأبو طالب مع كفره لما كان يحوط الرسول ويمنعه شفع فيه حتى خفف
__________
1 قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص 3- 4) .
2 الرد على البكري (ص 40) بتصرف.

الصفحة 731