كتاب حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة (اسم الجزء: 2)

فالداعي الشافع ليس له أن يدعو ويشفع إلا بإذن الله في ذلك، فلا يشفع شفاعة نهي عنها: كالشفاعة للمشركين والدعاء لهم بالمغفرة قال تعالى {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} 1.
وقال تعالى في حق المنافقين {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} 2.
وقال تعالى {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} 3.
وشرط الرضي غير متحقق في المشفوع له مع أن الشافع هنا هو خير الخلق وأعظمهم قدرا عند الله تعالى. وقد قال تعالى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} 4 أي المعتدين في الدعاء.
ومن الاعتداء في الدعاء: أن يسأل العبد ما لم يكن الرب ليفعله مئل: أن يسأله منازل الأنبياء وليس منهم، أو مغفرة المشركين ونحو ذلك، أو يسأله ما فيه معصية الله كإعانته على الكفر والفسوق والعصيان.
فالشفيع الذي أذن الله له في الشفاعة: شفاعته في الدعاء الذي ليس فيه عدوان.
والأنبياء لو سأل أحدهم دعاء لا يصلح له لا يقر عليه، فإنهم معصومون أن
__________
1 الآية (113) من سورة التوبة.
2 الآية (6) من سورة المنافقون.
3 الآية (80) من سورة التوبة.
4 الآية (55) من سورة الأعراف.

الصفحة 747