كتاب الفانيد في حلاوة الأسانيد

العُمَالة (¬1) كرهتها؟!
قال: فقلت: بلى.
فقال عمر: فما تريد إلى ذلك؟
قلت: إن لي أَفْراسًا وأَعْبُدًا وأنا بخير، وأريد أن تكون عُمَالتي صدقة على المسلمين.
فقال عمر رضي الله عنه: فلا تفعل، فإني قد كنت أردتُ الذي أردتَ فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء فأقول: أعطه أفقر مني إليه، حتى أعطاني مرة مالًا، فقلت: أعطه أفقر إليه مني.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خذه فتموَّله وتصدَّق به، فما جاءك من هذا المال وأنت غير مُشْرف (¬2) ولا سائل فخُذْه وما لا فلا تُتْبِعه (¬3) نفسكَ" (¬4).
* * *
¬__________
(¬1) العُمَالة بضم العين: ما يأخذه العامل من الأجرة. النهاية 3/ 300.
(¬2) المشرف على الشيء: هو المتطلِّع إليه الحريص عليه. شرح مسلم للنووي 4/ 435.
(¬3) أي: فلا تجعل نفسك متابعة له ناظرة إليه لأجل أن يحصل عندك، إشارةً إلى أنَّ المدار على عدم تعلُّق النفس بالمال لا على عدم أخذه وردِّه على المعطي، والله تعالى أعلم. حاشية السندي على النسائي 5/ 104.
(¬4) مسند الإِمام أحمد 1/ 17 و 21 و 40 و 52، والحديث رواه البخاري (ح 1473) و (7163) و (7164)، ومسلم (ح 1045)، وأبو داود (ح 1647)، والنسائي (ح 2606) و (2607) و (2608)، كلهم في باب الزكاة.

الصفحة 37