كتاب فضائل القرآن وتلاوته للرازي

مكلف، وهو الفاتحة فِي الأكثر وآيها أعتقد هُوَ جزء من ثلاثة آلاف وثمانمائة وسبعين جزءا، وكثير عَلَى عدد الكلم قد أعيا عامَّةُ الأمة تأدية عَلَى حد الواجب قديما وحديثا، وتفاوتت بقراءته درجاتهم، واختلفت عَلَى إقامته ألسنتهم وطباعهم، وكثرت لتجويده عَلَى النحو المرضي رياضاتهم، حتى أَنَّهُ قد يتخلف كثير من الفضل عَن إمامة الصلاة لقصورهم عَنْهُ إقامة عَلَى سواء الصواب، بتقدم المفضولين عليهم فيها، لإقامتهم إيَّاه عَلَى حد الواجب، أو أجود ممن أخر عنها، فإذا كَانَ هذا دأبهم مَعَ الجزء اللطيف الَّذِي كلفوا منه فكيف تراهم كانوا أن لو كلفوا جميعه عَلَى الأعيان مَعَ عزته وصعوبته وكثرة متشابهه، ومشكله، واختلاف حركاته، وسكونه، ونقطه، وإعجامه، وقد قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] ، {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا} [مريم: 97] .
وكان مقاتل بْن سُلَيْمَان يَقُولُ: لولا أن الله تَعَالَى يسره ما

الصفحة 44