كتاب أحكام أهل الذمة (اسم الجزء: 1)

[فَصْلٌ فَلَّاحُو أَهْلِ الذِّمَّةِ]
16 - فَصْلٌ
[فَلَّاحُو أَهْلِ الذِّمَّةِ]
وَأَمَّا الْفَلَّاحُونَ الَّذِينَ لَا يُقَاتِلُونَ وَالْحَرَّاثُونَ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَثْنُوهُمْ مَعَ مَنِ اسْتُثْنِيَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ قَالَ: مَنْ أَطْبَقَ بَابَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يُقَاتِلْ لَمْ يُقْتَلْ وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ فِي " الْمُغْنِي ": فَأَمَّا الْفَلَّاحُ الَّذِي لَا يُقَاتِلُ فَيَنْبَغِي أَلَّا يُقْتَلَ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ فِي الْفَلَّاحِينَ الَّذِينَ لَا يَنْصِبُونَ لَكُمْ فِي الْحَرْبِ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يُقْتَلُ الْحَرَّاثُ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقْتَلُ إِلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ، لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْمُشْرِكِينَ.
وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ، فَإِنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْتُلُوهُمْ حِينَ فَتَحُوا الْبِلَادَ ; وَلِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ فَأَشْبَهُوا الشُّيُوخَ وَالرُّهْبَانَ، انْتَهَى كَلَامُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ.

الصفحة 165