كتاب أحكام أهل الذمة (اسم الجزء: 1)

إِلَّا الْجِزْيَةَ، وَإِلَّا فَقَدَ آذَنْتُمْ بِالْحَرْبِ.
وَلَعَلَّهُ رَأَى أَنَّ شَوْكَتَهُمْ ضَعُفَتْ، وَلَمْ يَخَفْ مِنْهُمْ مَا خَافَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ بَعْدُ مَشْغُولًا بِقِتَالِ الْكُفَّارِ وَفَتْحِ الْبِلَادِ فَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَلْحَقُوا بَعْدَهُ فَيُقَوُّونَهُمْ عَلَيْهِ، وَعُمَرُ [بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ] أَمِنَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: " لَئِنْ بَقِيتُ لَهُمْ لَأَقْتُلَنَّ مُقَاتِلَتَهُمْ وَلَأَسْبِيَنَّ ذُرِّيَّتَهُمْ، فَإِنَّهُمْ نَقَضُوا الْعَهْدَ وَنَصَّرُوا أَوْلَادَهُمْ ".
وَعَلَى هَذَا فَلَا تَجْرِي هَذِهِ الْأَحْكَامُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ فِيهِمْ فَإِنَّهُمْ نَاقِضُونَ لِلْعَهْدِ، وَلَكِنَّ الْعَمَلَ عَلَى جَرَيَانِهَا عَلَيْهِمْ فَلَعَلَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ جَدَّدَ لَهُمْ صُلْحًا عَلَى أَنَّ حُكْمَ أَوْلَادِهِمْ حُكْمُهُمْ كَسَائِرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ كَيْفِيَّةُ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ]
27 - فَصْلٌ
[كَيْفِيَّةُ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ]
فَتُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنْهُمْ مُضَاعَفَةً مِنْ مَالِ مَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَصَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَزَمِنٍ وَصَحِيحٍ وَأَعْمَى وَبَصِيرٍ، هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ وَفُقَهَاءِ الْحَدِيثِ مِنْهُمُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ، إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اسْتَثْنَى الصِّبْيَانَ وَالْمَجَانِينَ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ، وَلَا تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مُضَاعَفَةً مِنْ أَرْضِهِمْ كَمَا

الصفحة 211