كتاب أحكام أهل الذمة (اسم الجزء: 1)

أَوْصَيْتُ بِهِ لِفُلَانٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَصِحُّ عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ وَفِعْلِ مُحَرَّمٍ، مُسْلِمًا كَانَ الْمُوصِي أَوْ ذِمِّيًّا، فَلَوْ وَصَّى بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ أَوْ بَيْتِ نَارٍ أَوْ عِمَارَتِهِمَا أَوِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا كَانَ بَاطِلًا.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَصِحُّ وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ الْوَصِيَّةَ بِأَرْضٍ تُبْنَى كَنِيسَةً وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ، وَأَجَازَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ أَنْ يُوصِيَ بِشُرْبِ خَمْرٍ أَوْ خَنَازِيرَ وَيَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ.
قَالَ: وَهَذِهِ وَصَايَا بَاطِلَةٌ وَأَفْعَالٌ مُحَرَّمَةٌ ; لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ فَلَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِهَا كَمَا لَوْ وَصَّى بِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ لِلْفُجُورِ.
قَالَ: وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ وَصَّى بِحُصْرٍ لِلْبَيْعِ أَوْ قَنَادِيلَ وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقْصِدْ إِعْظَامَهَا بِذَلِكَ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ ; لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّ النَّفْعَ يَعُودُ إِلَيْهِمْ وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ صَحِيحَةٌ.

الصفحة 610