كتاب أحكام أهل الذمة (اسم الجزء: 1)

[شُبْهَةٌ وَجَوَابُهَا]
وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [يونس: 94] ، وَقَدْ أَشْكَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ وَأَوْرَدَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِيهَا إِيرَادًا وَقَالُوا: كَانَ فِي شَكٍّ فَأُمِرَ أَنْ يَسْأَلَنَا وَلَيْسَ فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ إِشْكَالٌ، وَإِنَّمَا أُتِيَ أَشْبَاهُ الْأَنْعَامِ مِنْ سُوءِ قَصْدِهِمْ وَقِلَّةِ فَهْمِهِمْ وَإِلَّا فَالْآيَةُ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ الشَّكِّ وَلَا السُّؤَالُ أَصْلًا، فَإِنَّ الشَّرْطَ لَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ الْمَشْرُوطِ بَلْ وَلَا عَلَى إِمْكَانِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ، وَقَوْلِهِ: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} [الإسراء: 42] ، وَقَوْلِهِ: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: 81] ، وَقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] ، وَنَظَائِرِهِ، فَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشُكَّ وَلَمْ يَسْأَلْ.
وَفِي تَفْسِيرِ سَعِيدٍ «عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

الصفحة 99