كتاب نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد (اسم الجزء: 1)

دَعْوَى الْمعَارض فِي المُرَاد بصفتي الْكَلَام وَالْعلم وَالرَّدّ عَلَيْهِ:
وَادَّعَيْتَ أَيْضًا عَلَى قَوْمٍ أَعْلَمَ بِاللَّهِ وَبِكِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 مِنْكَ وَمِنْ أَصْحَابِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: عِلْمُ اللَّهِ غَيْرُهُ، وَالْعِلْمُ بِمَعْزِلٍ مِنْهُ، الْعَالِمُ2 فِي السَّمَاء وَالْعلم فِي الأربض مِنْهُ بِمَعْزِلٍ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْبَاهِتِ: مِثْلُ هَذَا لَا يَتَفَوَّهُ بِهِ إِلَّا جَاهِلٌ مِثْلُكَ، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَهُ عَلَى مَعْنًى لَا يَتَوَجَّهُ لَهُ أَمْثَالُكَ, يَقُولُونَ: الْعَالِمُ بِكَمَالِهِ وبجميع علمه فَوق عَرْشه، وَعَمله غَيْرُ بَائِنٍ مِنْهُ، يَعْلَمُ بِعِلْمِهِ الَّذِي فِي نَفْسِهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ3 وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، عَلَى بُعْدِ مَسَافَةِ مَا بَيْنَهُنَّ, فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: إِنَّ عِلْمَهُ فِي الْأَرْضِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، لَا عَلَى مَا ادَّعَيْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ الزُّورِ4 أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَنْزُوعٌ مِنْهُ مُجَسَّمٌ فِي الْأَرْضِ، إِذا هُمْ فِي الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ مِثْلُكَ وَمِثْلُ أَئِمَّتِكَ الْمَرِيسِيِّ وَابْنِ الثَّلْجِيِّ وَنُظَرَائِهِمْ.
وَادَّعَيْتَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَذَاتِهِ وَالْكَلَامُ هُوَ الْفِعْلُ بِزَعْمِكَ، وَزَعْمِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ مِنَ الذَّاتِ.
__________
1 عبارَة "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيست فِي ط، س، ش.
2 فِي ط، ش "وَالْعلم فِي السَّمَاء" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
3 فِي ط، س، ش "مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض".
4 فِي س "عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَا عَلَى هَذَا التَّأْوِيل إِلَّا عَلَى مَا ادَّعَيْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ الزُّور" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.

الصفحة 484